لحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد الموصوف بأنه لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومحبيه وحزبه، أما بعد:
فان كثيرا من المتمشيخين يزعم ان توكيل الارواح لتنفيذ الاعمال ومناداتهم شرك وكفر بالله، وهذا باطل مردود بالنقل وبالعقل.
اما النقل:
فلما روي عن عبد الله ابن مسعود قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فليناد: يا عباد الله احبسوا علي، يا عباد الله احبسوا علي، فإن لله في الأرض حاضرا سيحبسه عليكم). وفي رواية أخرى لهذا الحديث: (إذا ضل أحدكم شيئا، أو أراد أحدكم غوثا، وهو بأرض ليس بها أنيس فليقل: يا عباد الله أغيثوني، يا عباد الله أغيثوني، فان لله عبادا لا نراهم). رواها الطبراني في الكبير وقال بعد ذلك: وقد جرب ذلك. ورواه البزار عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعا بلفظ: (إن لله ملائكة في الأرض سوى الحفظة يكتبون ما يسقط من ورق الشجر، فإذا أصابت أحدكم عرجة بأرض فلاة فليناد: يا عباد الله أعينوني). وحديث البزار هذا حسنه الحافظ ابن حجر العسقلاني أمير المؤمنين في الحديث دون منازع في أمالي الأذكار كما في شرح ابن علان على الأذكار (5/151). وقال الحافظ الهيثمي عنه في المجمع (10/32) رجاله ثقات. وزاد الحافظ الهيثمي مؤكدا على رواية الطبراني مقرا قوله: وقد جرب ذلك. ولو فرضنا جدلا أن هذا الحديث الحسن موضوع فكيف يُجَوِّزُ علماء الأمة وأهل الحديث هذا الأمر ويقولون: وقد جرب ذلك، .
(تنبيه): العجب العجاب أن الألباني - وهو من المعارضين - اعترف بحسن حديث البزار هذا في ضعيفته (2/111) فقال: وبعد كتابة ما سبق وقفت على إسناد البزار في زوائده ص 303.... قلت: وهذا إسناد حسن كما قالوا.... الخ. أه
قلت: ثم قبل ذلك جوز في نفس الصحيفة الاستغاثة بالملائكة وبالجن لهذا الحديث ثم جنح إلى اقتصار ذلك على الملائكة !!!!!.
وليعلم أيضا: أن ابن تيمية ذكر الحديث في (الكلم الطيب) لأنه يرى ذلك من الكلم الطيب لا من الكلم الخبيث. وقد علق الألباني في صحيح الكلم الطيب على هذا الحديث بأنه: ضعيف كما خرجه في ضعيفته، مع أنه يرى حسن إسناده واختار أن الأصح أنه موقوف على ابن عباس رضي الله عنهما بغير أدلة علمية مقبولة، وتكهن أن ابن عباس ربما أخذ ذلك من أهل الكتاب، واني أعجب من الألباني! هل يجوز على ابن عباس أن يأخذ الشرك من أهل الكتاب ثم يرويه للأمة ثم يتلقاه علماء الأمة بالقبول ويعملوا به وعلى رأسهم أحمد بن حنبل أحد أئمة السنة من السلف المشهورين؟! انظر صحيح الكلم الطيب ص (98) حديث (177) وتأمل في كلام ابن تيمية وتعليق الألباني عليه، ثم تأمل في صحيفة (111) من المجلد الثاني من ضعيفة الألباني لتدرك التناقض في أعرض صوره.
فعلى هذا يكون ابن عباس رضي الله عنه، ممن أجاز الاستغاثة وروى حديثها لمن بعده ولم يعتبرها شركا علما بأننا لا نقيم وزنا لما يقوله الألباني أصلا ورأسا، وإنما نجلب مثل هذا له ولأتباعه من باب الإلزام، لانه قد ظهر لنا تدليسه في عدد من المسائل.
واقول للذين يزعمون اتِّباع الامام احمد وهو منهم برئ براءة الذئب من ابناء يعقوب، انظروا ماذا فعل الامام احمد ربما تقولون انه وقع في الشرك ايضا.
فقد روى البيهقي في الشعب وابن عساكر من طريق عبد الله ابن الإمام أحمد، وكذا عبد الله بن الإمام أحمد في المسائل (217) بإسناد صحيح اعترف بصحته الألباني (ضعيفه 2/111): سمعت أبي يقول: حججت خمس حجج منها ثنتين راكبا وثلاثة ماشيا، أو ثنتين ماشيا وثلاثة راكبا، فضللت الطريق في حجة وكنت ماشيا فجعلت أقول: (يا عباد الله دلونا على الطريق) فلم أزل أقول ذلك حتى وقعت على الطريق.... أه
وذكر هذه القصة أيضا ابن مفلح الحنبلي تلميذ ابن تيمية في كتاب (الآداب الشرعية).
ذكر الإمام النووي في الأذكار في كتاب أذكار المسافر: باب ما يقول إذا انفلتت دابته: (ص 331 من طبعة دار الفكر دمشق بتحقيق أحمد راتب حموش) ما نصه: روينا في كتاب ابن السني عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (إذا انفلتت دابة أحدكم بأرض فلاة فليناد يا عباد الله احبسوا يا عباد الله احبسوا فان لله عز وجل حاضرا سيحبسه). قلت: حكى لي بعض شيوخنا الكبار في العلم أنه انفلتت له دابة أظنها بغلة وكان يعرف هذا الحديث، فقاله، فحبسها الله عليهم في الحال. وكنت أنا مرة مع جماعة فانفلتت منها بهيمة وعجزوا عنها فقلته: فوقفت في الحال بغير سبب سوى هذا الكلام. انتهى كلام الإمام الحافظ النووي من الأذكار.
ولا أدري هل سيصفون هؤلاء الائمة بالشرك بعد ذلك ويصطدمون بالنص ؟..
ام ماذا عساهم سيفعلون ويردون ؟ الا سااااااااااء ما يحكمون ؟؟؟؟
اما العقل:
فمن المعلوم ان الارواح خلق من خلق الله لهم عقول يعقلون بها ولهم ارادات واختيارات ومنهم المكلف والنوراني والظلماني ولا شك ان النوراني العلوي يميل الى فعل الخير ومساعدة الاخرين عكس الظلماني، وقد وكل الله عددا من الملائكة بمباشرة مهام مخصوصة فمنهم الموكل بتقسيم الرزق بين العباد ومنهم الموكل بالوحي ومنهم الموكل بالتسبيح والتقديس ومنهم الموكل بتدبير الافلاك ومنهم الموكل بالجنة ومنهم الموكل بالتعذيب ونار جهنم ومنهم الموكل بقبض الارواح ومنهم الموكل ببني آدم ومنهم الموكل بكتابة الاعمال ومنهم الموكل بالنفخ في الصور وغير ذلك مما لا يعلمه الا الله.
فلماذا لا يجوز ان يوكل الله ملائكة تعين العباد على قضاء حوائجهم عند مناداتهم مع اعتقاد ان الله هو الذي سخرهم لنا وامرهم بذلك ؟
فهذا لا يمنعه الا مكابر جاهل.
ولا يكون هذا شركا الا اذا اعتقد المنادي فيها الالهية والربوبية وانها تنفع وتضر بذاتها، والله الهاااااادي