بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا رسول الله، وآله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فهذا تعريف بملك الجن السيد زوبعة – رضي الله عنه – وكنيته أبو النور أو أبو الحسن أو أبو الجن وهو من أهل اليمن ولباسه وتاجه أبيض نوراني، كان موجودا على عهد سيدنا سليمان عليه السلام، فعن محمد بن إسحاق ووهب بن منبه:
أن بلقيس لما أسلمت قال لها سليمان اختاري رجلا من قومك حتى أزوجك إياه، فقالت: ومثلي يا نبي الله ينكح الرجال وقد كان لي من قومي الملك والسلطان، قال: نعم إنه لا يكون في الإسلام إلا ذلك ولا ينبغي لك أن تحرمي ما أحل الله قالت: فإن كان ولا بد فزوجني ذا تبع ملك همدان فزوجها إياه وذهب بها إلى اليمن، وملك زوجها ذا تبع على اليمن، ودعا " زوبعة ملك الجن " وقال له: اعمل لذي تبع ما استعملك فيه فلم يزل يعمل له ما أراد إلى أن مات سليمان وحال الحول، وعلم الجن موت سليمان، فأقبل رجل منهم حتى بلغ جوف اليمن وقال بأعلى صوته: يا معشر الجن إن الملك سليمان قد مات فارفعوا أيديكم فرفعوا أيديهم وتفرقوا وانقضى ملك سلمان وملك ذي تبع وملك بلقيس، وبقي الملك لله الواحد القهار
قلت: هو من أصحاب سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – أيضا فعن ابن مسعود فيما أخرجه الحاكم والبيهقي أنه قال:
كان زوبعة من التسعة الّذين استمعوا القرآن من النبي صلّى الله عليه وسلّم، وأخرج الطبري عن ورقاء، قال:
قدم رهط زوبعة وأصحابه مكة على النبيّ صلى الله عليه وسلم فسمعوا قراءة النبيّ صلى الله عليه وسلم ثم انصرفوا، فذلك قوله: (وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا) قال: كانوا تسعة فيهم زوبعة.
قال الجوهري: الزوبعة: رئيس من رؤساء الجن، ومنه سمي الإعصار زوبعة، ويقال: أم زوبعة: وهي ريح تثير الغبار ويرتفع إلى السماء كأنه عمود وقيل: هي ريح تثير سحابا ذات رعد وبرق.
قال ابن الاثير في كتابه "أسد الغابة في معرفة الصحابة:
زوبعة الجني
س: زوبعة الجني قال أَبُو موسى: ذكرناه اقتداء بالدارقطني، لأنه ذكر رواية سمحج الجني في الخماسيات، وروى أَبُو موسى حديث زر بْن حبيش، عن ابن مسعود، قال: هبطوا عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة، فلما سمعوه، قَالُوا: أنصوا، وكانوا سبعة، أحدهم زوبعة.
ولو لم نشرط أننا لا نترك ترجمة لتركنا هذه وأمثالها.اهـ
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في الاصابة في معرفة الصحابة:
زوبعة الجنّي :
أحد الجنّ الذين استمعوا القرآن، روى الحاكم في «المستدرك» ، وابن أبي شيبة، وأحمد بن منيع مسنديهما، من طريق عاصم، عن زرّ، عن عبد اللَّه، قال: هبطوا على النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم وهو يقرأ ببطن نخلة، فلما سمعوه قالوا: أنصتوا، وكانوا سبعة، أحدهم زوبعة .
إسناده جيّد، ووقع لنا بعلو في جزء ابن نجيح.
قلت: أنكر ابن الأثير على أبي موسى إخراجه ترجمة هذا الجنيّ، ولا معنى لإنكاره، لأنهم مكلّفون، وقد أرسل إليهم النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم فآمن منهم به من آمن، فمن عرف اسمه ولقيه للنبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلم فهو صحابي لا محالة. وأما قوله: كان الأولى أن يذكر جبرائيل، ففيه نظر، لأن الخلاف في أن النبيّ صلّى اللَّه عليه وآله وسلّم هل أرسل إلى الملائكة مشهور، بخلاف الجنّ. واللَّه أعلم.اهـ
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله وصحبه.