توحيد خاصة الخاصة
يقول الشيخ عيسى بن الغوث الأعظم عبد القادر الكيلاني : هو توحيد قائم بالقدم ... وهو توحيد خصصه الحق لنفسه ، واستحقه بقدره ، وألاح منه لائحاً إلى أسرار طائفة من صفوته ، وأخرسهم عن نعته ، وأعجزهم عن بثه ، والذي يشار به إليه على ألسنة المشيرين : أنه إسقاط الحدث وإثبات القدم .
على أن هدى الرحمن في ذلك التوحيد علة ، لا يصح ذلك التوحيد إلا بإسقاطه ، وهذا قطب الإشارة على ألسنة العلماء من هذا الطريق ، وإن زخرفوا له نعوتاً وفصلوه فصولاً . فإن ذلك التوحيد تزيده العبارة خفاء ، والصفة تفرطه ، والبسط صعوبة وقبضاً . وإلى هذا التوحيد شخص أهل الرياضة وأرباب الأحوال ، وله قصد أهل التعظيم ، وإياه عنى المتمكنون في عين الجمع ، وعليه تصطلم الإشارات ، ثم لم ينطق عنه لسان ، ولم تشر إليه عبارة . فإن التوحيد وراء ما يشير إليه مكون ، أو يتعاطاه حين ، أو يقله سبب .
ويقول الشيخ كمال الدين القاشاني : توحيد خاصة الخاصة : هو أن لا يرى سوى ذات واحدة لا أبسط من وحدتها ، قائمة بذاتها التي لا كثرة فيها ، بوجه مقيمة لتعيناتها – التي لا يتناهى حصرها ولا يحصى عددها . وأن لا يرى أن تلك التعينات هو عين العين المعينة لها الغير المتعينة بها ولا غيرها . فمن كان هذا شهوده : فهو المتحقق بالوحدانية الحقيقية ، لأنه يشاهد الحق والخلق ولا يرى مع الحق غيرا ، وهذا هو الذي لم ينحجب بالغير عن رؤية العين ورأى بتحقق نورهما ، بل قام بربه عند فنائه بنفسه