الـتـعـريـف:
1- الـهَــمّ: هو انشغالُ النفس في التهيّؤ ( الاستعداد ) بمَا سَتلقاهُ مِن مَكرُوهٍ قبلَ وُقوعِه.
2- الـغــمّ: هو انقبَاضُ النفس بمَا مَرّ عَليها مِن مَكرُوهٍ وشِدّة.
نـبـذة تـوضـيـحـيّـة عَـن أصـل حُـدوثـهِ فـي الـبَـدن:
اجتمَاعُ الحَرارَة الغريزيّة مِن الجسم إلى القلب مِمّا يُسَبّب غليان الدّم فيَتفرّق عَنهُ البُخار المُفسِدُ للحَواسّ.
وأقلّ الناس هَمّاً وغمّاً ذوُو الأمزجَة البَاردة سِيّمَا المَرطوبين، وأكثرُ الناس هَمّاً مَن غزُرَ عَقلهُ صَحّ حَدسهُ ( تخمينه ) لتوَفر نظرهِ في العَوَاقِب فالجَاهلُ مُتوفرُ اللذة مَقصُورُ النظر على شهَوات الجسَد، وقد قيلَ أنّ أشقى الناس العُقلاء.
الأضـرارُ الـتـي يُـحـدِثـهـا الـهَـمّ فـي الـبَـدن:
- هو مِثلُ السّمُوم إذا وَرَدَتْ على البَدن عَقِبَ تناول المُفتحَات قتلتْ فجأة كمَنْ لدَغتهُ عَقرَبٌ بَعد تناول الكرَفس، فإنّ الهَمّ أيضاً إذا نزلَ بَغتة بذِي هِمّةٍ ( صاحِبُ العَزم القويّ ) ولمْ يَنفتِقْ ( يَنفتح ) لهُ بابُ تدبير قتلهُ لِوَقته.
- دَوامُ الهَمّ مُذيبٌ للشحم مُفسدٌ للحم.
- إنْ صادَفَ حينَ إتيانِ الهَمّ للمَرءِ تناولهُ طعَاماً قد أخذ في الهَضم الثالث ( الذي يَتمّ في الكبد ) مِثل:
* الحَليب: فإنهُ يُوجبُ البَرَص والبَهَق الأبيَض.
* الفواكِه: فإنهُ يُوجبُ النفاطات.
* التمر أو العَسل: فإنهُ يُوجبُ الجُذام وخروجُ الصّفراء المُحترقة في البَدن.
- أصعَبُ مأكول يَفسدُ بهِ البَدن إذا بَغتهُ الهَمّ: السّمَك - الرُمّان - الحَليب - القلقاس، فإنهَا رُبّمَا خرَجَتْ بصُورَتها لاحتباس الحَرارَة الغريزيّة بالهَمّ في الأعمَاق فتدفعُ مَا تصادِفهُ مِنها قبلَ وُجوبِ دَفعهِ فيَتفرّق في البَدن تفرّقاً غيرَ طبيعيّ، وأكثرُ مَا يَكونُ ذلكَ في البلادِ المَرطوبَة.
- الهَمّ عِندَ تناول الدّواء المُسهل ضارٌ مُطلقاً ورُبّمَا أقعَدَ الإنسَان ( إصَابتهِ بالشلل ).
- أقلّ ضرَر يُحدثه الهَمّ في البَدن: سُرعَة الشيْب والهرم - الهُزال - سُقوط الشهوَتيْن ( الطعَام والنكاح ) - النسيَان واختلالُ العَقل.
الـعِــلاجُ الـعَــام:
- دَفعُ السّبب وإزالته إذا عُلِمَ وإلاّ فالحَزمُ والتخفيف على النفس بقدر الطاقة، ومِن أعظم مَا جُرّبَ في ذلكَ الصّبرُ ثمّ التأسّي بالآخرين فإنهُ مَا مِن مُصيبة تحدثُ للمِرءِ إلاّ ولهَا نظيرٌ ( مَثيلٌ ) قد حَدثَ للآخرين فليَستعمِل القياس ( المُقارَنة والتشبيه ).
- مِمّا يُعينُ على العِلاج النظر في التصَاويرِ ذاتِ المَناظِر المُبهجَة والنقوش الدّقيقة الجَميلة وعِلمُ الهَندَسة والحِسَاب. فإنْ ضاقَ الفِكرُ عَن ذلكَ فسَماعُ الأصوات والآلات الحَسَنة إذ لا عِلاجَ لِمَن استغرقَ في التفكير غيرهما ( حَسبَ مَا ذكرهُ داوُود الأنطاكيّ، وأزيدُ عليهِ سَماعُ القرآن الكريم مِن ذي صَوتٍ حَسَنٍ ومُداوَمة قراءةِ فاتحةِ الكتاب وآيَة الكرسيّ وسُورة الانشراح والإخلاص والمُعوّذتيْن فإنها تذهِبُ الهَمّ والغمّ وتشرحُ الصّدر ).
- مِمّا يُضعِفُ الهُموم مُداوَمة تناولُ مَا يُسهلُ الأخلاط المُحترقة ويَقطع الأبخِرَة الفاسِدَة على أن يَكونَ ذلكَ قبلَ حُدوثها. مَع شمّ الرّوائح الزّكيّة الطيّبة مِثل: المِسْك - العنبَر - الزّعفران.
- يَنبغي أنْ يَكونَ مِقدارُ المَاء الذي يَشربهُ المَهموم عِندَ العَطش مُساوياً لمِقدار مَا يَتجرّعهُ المَريض مِن غير أن يَستنشِقَ الهَواء مَعه.